تخطى إلى المحتوى

القوانين المنظمة للوصية والإرث في الإمارات وفق الشريعة والتشريعات الحديثة

في دولة الإمارات، تُشكّل القوانين المنظمة للوصية والإرث ركيزة قانونية أساسية تنظم توزيع التركة وحقوق الورثة وأساليب تنفيذ رغبات الموصي. تضم هذه القوانين أحكامًا شرعية ومدنية على حد سواء، وتشمل تنظيم الوصية الواجبة والاختيارية، وتسجيل الوصايا، وسبل الطعن عليها. في هذا المقال سنتناول إطلالة تفصيلية على هذه القوانين في الإمارات، مع التركيز على الجانب المحلي والإجراءات العملية.

للحصول على استشارة قانونية من مكتب محامي في الإمارات، تواصل معنا لتوجيهك بدقة في ملف الميراث.

القوانين المنظمة للوصية والإرث في الإمارات

يُعَد موضوع الوصية والإرث في الإمارات من أهم المسائل القانونية المرتبطة بالأحوال الشخصية، حيث يجمع بين قواعد الشريعة الإسلامية والتشريعات الوضعية التي تراعي التعددية الدينية والثقافية للمجتمع الإماراتي. وقد حرص المشرّع الإماراتي على وضع أنظمة خاصة تنظم ميراث المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، بما يضمن تحقيق العدالة وحماية الحقوق لجميع الأطراف.

التشريعات الأساسية المعمول بها

  • قانون الأحوال الشخصية الاتحادي (القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005م)
    يُعَد الإطار التشريعي العام المنظم لقضايا الزواج، النفقة، الميراث، والوصية بالنسبة للمسلمين في الدولة. وهو المرجع الأساسي للمحاكم الشرعية في نظر دعاوى الميراث والوصايا.
  • قانون رقم 41 لسنة 2022 بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين مع لائحته التنفيذية (القانون رقم 122 لسنة 2023)
    خصصه المشرّع لغير المسلمين المقيمين في الإمارات، حيث يتيح لهم تنظيم الزواج والطلاق والوصايا والإرث وفق قانونهم الشخصي إذا رغبوا في ذلك.
  • قانون رقم 15 لسنة 2017 بشأن إدارة تركات غير المسلمين في إمارة دبي
    يختص بتنظيم إدارة محاكم دبي للتركات الخاصة بغير المسلمين، خصوصًا إذا تضمنت الوصية أو التركة عقارًا داخل الإمارة.

مبدأ أسبقية الوصية على توزيع الإرث

يؤكد التشريع الإماراتي على أن تنفيذ الوصية يسبق توزيع التركة، حيث تُخصم أولًا نفقات تجهيز المتوفى، وسداد ديونه، وأتعاب تنفيذ الوصية، ثم بعد ذلك تُوزّع التركة على الورثة الشرعيين أو المستحقين وفق القانون. هذه القاعدة تضمن احترام إرادة الموصي وتنظيم الحقوق المالية بدقة.

قواعد الميراث في المحاكم الشرعية الإماراتية

تُطبّق المحاكم الشرعية في دولة الإمارات أحكام قانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 عند الفصل في قضايا الميراث الخاصة بالمسلمين، وذلك استنادًا إلى قواعد الفقه الإسلامي في المذاهب المعتمدة. ويُراعى في توزيع التركة أن تكون الإجراءات واضحة ومبنية على الفروض الشرعية، بما يحقق العدل بين الورثة ويحمي الحقوق من النزاعات.

الورثة الشرعيون ونسبهم

الميراث في النظام الشرعي يُوزَّع وفقًا للفرائض المقررة شرعًا:

  • الأب والأم: يرثان بنسب محددة تختلف باختلاف وجود فرع وارث (أبناء أو أحفاد).
  • الزوج أو الزوجة: يرث أحدهما ربع أو نصف التركة (للزوج) أو ربع أو ثمن (للزوجة) بحسب وجود فرع وارث.
  • الأبناء والبنات: الابن يرث مثل حصة الأنثيين في حالات التعصيب.
  • الإخوة والأخوات: قد يرثون في حالة غياب الأبناء أو الأحفاد.

ويُراعى في ذلك أحكام الحجب والردّ والتعصيب وفق النصوص الشرعية المقررة في القانون.

مبدأ الشرعية وعدم جواز التنازع في الفروض

أكّد المشرّع الإماراتي على أن أنصبة الورثة حقوق مفروضة لا يجوز التنازل عنها أو تعديلها عبر وصية أو اتفاق خاص يخالف قواعد الميراث. وتُعتبر هذه القاعدة من النظام العام، فلا يعتدّ بأي اتفاق يُقصي وارثًا أو يحجب نصيبه الشرعي.

حالات التوزيع في غياب وصية

إذا لم يترك المتوفى وصية، أو كانت وصيته غير شاملة لجميع التركة، فإن المحكمة الشرعية تُباشر إجراءات الحصر وتوزيع الميراث وفقًا للأحكام الشرعية المعتمدة في قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005. ويُقسَّم المال مباشرة على الورثة وفق الفرائض، بعد خصم النفقات والديون.

حقوق الزوجة والأبناء في الميراث وفق الشريعة

يُعَدّ موضوع حقوق الزوجة والأبناء في الميراث من أكثر الجوانب حساسية في قضايا التركات، نظرًا لارتباطه المباشر بالأسرة وأفرادها الأقربين. وقد حرص المشرّع الإماراتي عبر قانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 على أن يكون توزيع التركة منصفًا ومتوازنًا، بما يراعي نصوص الشريعة الإسلامية ويحفظ مكانة الزوجة والأبناء باعتبارهم الورثة الأساسيين. وتقوم المحاكم الشرعية في الإمارات بتطبيق هذه القواعد بدقة لضمان العدالة ومنع أي تجاوز أو تمييز غير مشروع.

هذا الجدول يوضح نصيب الورثة وفق القانون الإماراتي:

ملاحظات إضافية النصيب أو الحق العام الفئة
ترث الربع إذا لم يوجد أولاد، والثمن إذا وجد فرع وارث الربع أو الثمن من التركة الزوجة
تُوزع الحصص وفق الفروض والتعصيب الابن مثلي البنت الأبناء (ابن / ابنة)
تُنفذ قبل الوصايا الاختيارية وتُعتبر إلزامية نصيب والدهم بحدود ثلث التركة الأحفاد (الوصية الواجبة)

الوصايا المسجلة للأجانب في محاكم الإمارات

مع ازدياد عدد المقيمين الأجانب في دولة الإمارات وتنوع خلفياتهم الدينية والقانونية، خصص المشرّع الإماراتي أنظمة مرنة تتيح لهم تنظيم شؤون الإرث وفق قوانين بلدانهم الأصلية، شريطة تسجيل الوصايا في الجهات المختصة داخل الدولة. هذه الخطوة تعكس حرص الدولة على احترام التعددية وضمان وضوح الإجراءات عند وفاة المقيم غير المسلم، بحيث تُنفذ وصيته بشكل منظم وشفاف.

القانون الجديد لغير المسلمين

بموجب القانون رقم 41 لسنة 2022 بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين، يحق للمقيمين الأجانب وغير المسلمين في الإمارات تطبيق قانون ميراث وطنهم في مسائل الوصية والإرث. شرط أساسي لذلك هو تسجيل الوصية رسميًا لدى المحاكم المختصة في الإمارة التي يقيم فيها الموصي أو يمتلك فيها أصولًا عقارية أو مالية.

إجراءات التسجيل

  1. تقديم الوصية مكتوبة ومصدقة وموقعة من الموصي.
  2. إيداعها لدى السجل المختص في محاكم دبي أو المحكمة المختصة في الإمارة المعنية.
  3. إرفاق الهوية الرسمية وإثباتات الملكية والأصول المالية.
  4. تقديم بيانات الشهود (عند وجودهم) لتعزيز حجية الوصية.
  5. تُعطى الوصية المسجَّلة أولوية التنفيذ على أي وصية غير مسجلة عند حدوث تعارض.

ملاحظة هامة

إذا كان الأجنبي أو غير المسلم في الإمارات يرغب في أن يُطبّق قانون بلده الأصلي على تَرِكته، فيجب أن يُنصّ على ذلك صراحة في الوصية المسجلة. أما في حال غياب هذا النص أو عدم التسجيل، فقد تطبّق المحاكم القوانين المحلية الإماراتية عند توزيع التركة.

تعرف أيضًا على: 

إمكانية تطبيق قانون بلد الأجنبي على الميراث

تُولي دولة الإمارات أهمية خاصة لمسألة تطبيق القوانين الأجنبية على الميراث بالنسبة للمقيمين غير المسلمين، إدراكًا منها لتنوعهم الثقافي والديني. ولهذا وضع المشرّع الإماراتي إطارًا قانونيًا واضحًا يتيح للأجنبي أن يختار بين تطبيق قانونه الشخصي أو القانون الإماراتي في مسائل الوصايا والإرث، مع مراعاة طبيعة الأصول داخل الدولة وخارجها.

تطبيق القانون الشخصي لغير المسلمين

بموجب القانون رقم 41 لسنة 2022 بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين، يحق لكل غير مسلم في الإمارات أن يطلب تطبيق قانونه الشخصي على قضايا الميراث والوصايا، إلا إذا صرّح بعدم رغبته في التمسك به. وهذا يتيح مرونة كبيرة في تنظيم التركات ويمنح الأجنبي حرية اختيار النظام القانوني الذي يحكم إرثه.

العقارات داخل الإمارات

في حالة وجود عقارات داخل الإمارات، قد تُطبّق القوانين المحلية الخاصة بالإمارة التي يقع فيها العقار. مثال ذلك: قانون رقم 15 لسنة 2017 في إمارة دبي الذي ينظم إدارة تركات غير المسلمين في ما يخص العقارات المسجلة في الإمارة. وهو ما يجعل تسجيل الوصية بشكل صحيح أمرًا أساسيًا لتفادي أي تعارض في الاختصاص.

الأصول الدولية والتركه المتعددة

عندما تضم التركة أصولًا متعددة في دول مختلفة، قد تنشأ إشكاليات في التنفيذ والاعتراف بالأحكام القضائية بين الإمارات والدول الأخرى. لذلك يُنصح بتبني ترتيبات قانونية متخصصة تشمل إعداد وصايا متعددة أو استراتيجيات تخطيط تَرِكات تضمن الاعتراف الدولي، لتفادي أي نزاعات أو صعوبات مستقبلية.

إجراءات الاعتراض على توزيع التركة

قد يثور خلاف بين الورثة أو أصحاب العلاقة عند توزيع التركة، سواء بسبب وجود وصية مشكوك في صحتها، أو خطأ في الحصر والتوزيع، أو حتى تزوير في المستندات. ولأن هذه القضايا تمسّ الحقوق المالية للأفراد، أتاح القانون الإماراتي للورثة حق الاعتراض على توزيع التركة أمام المحاكم المختصة ضمن آجال محددة، مع إتاحة طرق الطعن والاستئناف لضمان العدالة.

الخطوات العملية للاعتراض

  1. تقديم دعوى اعتراض أمام المحكمة المختصة خلال المواعيد القانونية المقررة.
  2. إرفاق الأدلة مثل: نسخة الوصية، مستندات تثبت صلة الورثة، الحسابات المصرفية، أو أي وثائق تثبت وقوع خطأ أو تجاوز.
  3. طلب إعادة التوزيع إذا ثبت أن هناك خطأ في تطبيق الفروض أو وجود تجاوز على نصوص القانون.
  4. الطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف إذا رفضت المحكمة الابتدائية الاعتراض.
  5. الوصايا محل النزاع: يجوز طلب بطلان الوصية كليًا أو تعديلها إذا ظهر أنها تتعارض مع أحكام الشريعة أو القوانين النافذة، أو إذا ثبت تزويرها أو مخالفتها لشروط الصحة.

بهذا الإطار، يكون الاعتراض على التوزيع وسيلة قانونية لحماية حقوق الورثة وضمان عدالة تقسيم التركات.

دور المحامي في إدارة قضايا الإرث المعقدة

قضايا الإرث والوصايا تُعد من أكثر المنازعات حساسية وتشابكًا، خصوصًا عندما تتضمن أصولًا متعددة داخل الإمارات وخارجها، أو عندما تتداخل فيها قواعد الشريعة مع التشريعات المدنية الخاصة بغير المسلمين. هنا يظهر دور محامي اماراتي مختص في الأحوال الشخصية والإرث، إذ يعمل على حماية حقوق الورثة وضمان تنفيذ الوصايا وفق الإطار القانوني السليم.

المهام الرئيسية للمحامي

  • صياغة وصية قانونية متوافقة مع التشريعات المحلية (قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005) والدولية، بما يضمن عدم بطلانها عند التطبيق.
  • تحليل الأثر القانوني لتطبيق القانون الأجنبي أو المحلي على التركة، خصوصًا في الحالات التي تشمل عقارات أو أصول مالية دولية.
  • إيداع الوصايا في السجلات الرسمية لدى المحاكم المختصة لضمان حجيتها وتنفيذها عند وفاة الموصي.
  • تمثيل الورثة أو الأطراف المعنية أمام المحاكم الشرعية أو المدنية، والدفاع عن حقوقهم في حال النزاع.
  • تقديم الطعون القانونية في قرارات توزيع التركات أو في صحة الوصايا إذا تبين وجود تزوير أو مخالفة للنظام العام.
  • تنسيق إجراءات التنفيذ ومراقبة توزيع التركة بين الورثة بما يتوافق مع نصوص القانون والوصايا المسجلة.

بهذا يصبح المحامي شريكًا قانونيًا أساسيًا في إدارة التركات المعقدة، إذ يوفّر الخبرة الفنية والإجراءات العملية التي تضمن تنفيذ الوصايا وحماية حقوق الورثة في الإمارات.

الأسئلة الشائعة

نعم، وفق القانون رقم 41 لسنة 2022 يحق لغير المسلمين تنظيم وصاياهم وتوزيع تركاتهم وفق قانون بلدهم الأصلي في الإمارات، بشرط تسجيل الوصية رسميًا لدى المحاكم المختصة.

تعتمد طريقة توزيع الأصول خارج الإمارات على القانون المطبّق على المورّث (القانون الإماراتي أو قانون بلده الأصلي)، وغالبًا يُلجأ إلى التنسيق بين محاكم الدول المختلفة لتنفيذ التوزيع أو الاعتراف بالوصية.

نعم، يظل الطعن ممكنًا حتى في حالة الوصية المسجّلة، إذا وُجدت أدلة على بطلانها مثل التزوير، أو مخالفتها لشروط الصحة، أو تعارضها مع النظام العام.

إذا كانت الوصية قد سُجّلت رسميًا داخل الإمارات أو نصّت على تطبيقها وفق القانون الإماراتي، فإنها تُنفذ داخل الدولة حتى لو حدثت الوفاة خارجها.

في بعض الإمارات، مثل دبي وأبوظبي، أطلقت المحاكم خدمات إلكترونية لتسجيل الوصايا، غير أن آليات التنفيذ والإجراءات قد تختلف من إمارة إلى أخرى حسب الجهة القضائية المختصة.

في الإمارات، تُعدّ القوانين المنظمة للوصية والإرث مزيجًا دقيقًا من الشريعة الإسلامية والتشريعات المدنية الحديثة، مع فتح آفاق للأجانب وغير المسلمين لتطبيق قوانينهم الشخصية.

من المسائل الحساسة: الوصية الواجبة، تسجيل الوصايا، ومكانة الطعون. في حالات التركات المعقّدة التي تشمل أصولًا داخل وخارج الدولة،

يصبح دور أفضل مكاتب محاماة في الإمارات ذا أهمية قصوى لضمان حقوق جميع الأطراف وتنفيذ الرغبات القانونية بأمانة.

للحصول على استشارة قانونية متخصصة في الإمارات في قضايا الوصايا والميراث، اتصل بنا الآن ليُوجِّهك في كل خطوة قانونية تُناسب حالتك.

اقرأ أيضًا عن:

المصادر الأساسية:

  • قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 م الإمارات.
  • قانون رقم 41 لسنة 2022 بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين + اللائحة التنفيذية رقم 122 لسنة 2023.
  • قانون رقم 15 لسنة 2017 بشأن إدارة تركات غير المسلمين في دبي.