تخطى إلى المحتوى

القانون التجاري الإماراتي وأثره على الشركات والاستثمار في الدولة

في دولة الإمارات، يشكّل القانون التجاري الإماراتي العمود الفقري لتنظيم الأنشطة الاقتصادية والتجارية، إذ يجمع بين القانون الاتحادي والتشريعات التنظيمية التي تضمن الشفافية والثقة في المعاملات التجارية، ويُعدّ أداةً رئيسية لشركات المستثمرين والمقاولين والتجار على حدّ سواء.

في هذا المقال نستعرض الإطار التشريعي المنظم، أبرز المسائل التي يغطيها، آليات تسوية النزاعات التجارية، تنظيم الشركات التجارية، وآخر التطورات التشريعية في الدولة.

تواصل مع مكتبنا حالياً عبر زر الواتساب أسفل الشاشة للحصول على استشارة مخصصة من محامي في الإمارات.

الإطار التشريعي المنظم للتجارة في الإمارات

يرتكز التنظيم القانوني للتجارة في الدولة على تشريعات اتحادية صادرة عن الجهات المختصة مثل وزارة الاقتصاد وهيئة التشريع، أهمها:

  • المرسوم‑القانون الاتحادي رقم 50 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون المعاملات التجارية («قانون المعاملات التجارية») الصادر بتاريخ 3 أكتوبر 2022، نافذ اعتباراً من 2 يناير 2023، ليحل محل قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993.
  • المرسوم‑القانون الاتحادي رقم 32 لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية الصادر في 15 ديسمبر 2021.
  • القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2022 بشأن تنظيم الوكالات التجارية والذي دخل حيز التنفيذ في 15 يونيو 2023.

غيرها من القوانين المرتبطة بالملكية الفكرية، الإفلاس، الحوكمة المؤسسية.

بهذا الإطار، أصبح من المطلوب على كل طرف يمارس نشاطاً تجارياً في الدولة أن يكون مدركاً لما تنطوي عليه التشريعات من حقوق والتزامات، وضمان توافق ممارساته مع النصوص النافذة.

أبرز المسائل التي ينظمها القانون التجاري الإماراتي

يُعرّف قانون المعاملات التجارية الإماراتي رقم 50 لسنة 2022 النشاط التجاري بأنه كل عمل يُمارَس بقصد تحقيق الربح، سواء بصفةٍ فردية أو جماعية، ويشمل الأنشطة التي تتخذ طابعاً مهنياً كـ الوساطة، والوكالة التجارية، والتمثيل التجاري، والتوزيع، وغيرها من الأعمال التي تُعدّ بطبيعتها تجارية.
هذا التعريف يهدف إلى توسيع نطاق الحماية القانونية للأنشطة الاقتصادية وضبط العلاقات بين التجار في سوق سريع التطوّر مثل سوق الإمارات.

المسائل التي يغطيها القانون:

ينظّم القانون التجاري الإماراتي عدداً واسعاً من المواضيع التي تشكّل الركيزة القانونية للتجارة في الدولة، من أهمها:

  • الاسم التجاري والأصول التجارية: يحدّد القانون الحقوق المرتبطة بالاسم التجاري والعلامة التجارية وبيانات المنشأة التجارية، ويُعتبر الاسم التجاري من عناصر الذمة المالية للتاجر ويخضع للحماية القانونية.
  • المعاملات التجارية والعقود التجارية: ينظّم القانون عقود البيع التجاري، والوكالة، والنقل، والسمسرة، والتمثيل التجاري، ويضع أحكاماً خاصة بالتزامات التجار وإثبات المعاملات التجارية.
  • فترات التقادم والقيود الزمنية: اختصر المشرّع مدة التقادم في الدعاوى الناشئة عن المعاملات التجارية إلى خمس سنوات من تاريخ استحقاق الحق، لتسريع البت في النزاعات وضمان استقرار المعاملات.
  • الوكالة والتوزيع التجاري: يخضعان لأحكام القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2022 بشأن تنظيم الوكالات التجارية، الذي نظّم العلاقة بين الموكل والوكيل التجاري وأتاح لأول مرة إمكانية إنهاء عقد الوكالة بشروط محددة، كما نظم التحكيم في النزاعات الناشئة عنها.
  • الأعمال التجارية والشركات: تحكمها أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 32 لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية، الذي يحدّد أنواع الشركات، وإجراءات تأسيسها، وهيكل الحوكمة والإدارة، ونسب التملك المحلي والأجنبي.
  • الإفلاس والتسويات الواقية: يكمّلها المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2016 بشأن الإفلاس وتعديلاته، الذي يوفّر إطاراً لإعادة الهيكلة أو التسوية الواقية لحماية النشاط الاقتصادي من الانهيار.
  • حماية المعاملات التجارية والشيكات: أدخل قانون 50 لسنة 2022 نظام التنفيذ المباشر للشيكات، مستبدلاً العقوبة الجزائية بإجراءات مدنية سريعة تتيح تحصيل الحقوق عبر دائرة التنفيذ مباشرة دون دعوى جزائية.

قد يهمك أيضًا:

النزاعات التجارية وكيفية تسويتها في الإمارات

تُعدّ النزاعات التجارية من أكثر القضايا شيوعاً في بيئة الأعمال الإماراتية، إذ تنشأ نتيجة عقود بيع أو وكالة أو شراكة أو إفلاس أو إخلال بالتزامات مالية أو تعاقدية. ونظراً لأهمية التجارة في الاقتصاد الوطني، فقد وضع المشرّع الإماراتي منظومة متكاملة لتسوية هذه النزاعات بسرعة وفعالية مع الحفاظ على استقرار السوق وثقة المستثمرين.

المحاكم الاتحادية والمحلية

تُنظر القضايا التجارية في الإمارات أمام المحاكم الاقتصادية المتخصصة ضمن النظامين الاتحادي والمحلي، مثل:

  • محاكم دبي التجارية ومحاكم أبوظبي الاقتصادية، إضافة إلى محاكم الاتحاد في الإمارات الأخرى.
  • يعتمد الاختصاص على مكان تنفيذ العقد أو مقر الشركة أو اتفاق الأطراف.
  • تتبع القضايا التجارية إجراءات مبسّطة وسريعة وفق قانون الإجراءات المدنية رقم 11 لسنة 1992 وتعديلاته.

وتتميّز المحاكم الإماراتية بوجود دوائر اقتصادية متخصصة لتقليل مدد التقاضي وضمان كفاءة النظر في المسائل الفنية، مع إمكانية الاستئناف أمام المحاكم العليا وفقاً للقانون.

التحكيم والوساطة التجارية

أتاح المشرّع للأطراف الاتفاق على التحكيم التجاري كوسيلة بديلة لتسوية النزاع، استناداً إلى القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم، والذي جعل أحكامه منسجمة مع معايير

كما أقرّ قانون الوكالات التجارية رقم 3 لسنة 2022 إمكانية إدراج شرط التحكيم في عقد الوكالة التجارية، وهو ما يُعدّ تطوراً تشريعياً مهماً بعد أن كان هذا الأمر محصوراً سابقاً بوزارة الاقتصاد.

إضافة إلى ذلك، تنتشر مراكز الوساطة والمصالحة التجارية مثل مركز دبي للتحكيم الدولي (DIAC) ومركز أبوظبي للتحكيم التجاري (ADCCAC)، وهي جهات معتمدة تسهم في تسوية الخلافات بسرعة وبتكلفة أقل.

الإجراءات التنفيذية

أدخل قانون المعاملات التجارية الجديد رقم 50 لسنة 2022 نظام التنفيذ المباشر للشيكات، بحيث يمكن لحامل الشيك التقدّم مباشرة إلى قاضي التنفيذ دون الحاجة إلى دعوى جزائية في حال ارتجاع الشيك دون رصيد.

ويُعتبر هذا التعديل نقلة نوعية في حماية حقوق التجار وتخفيف العبء عن القضاء الجنائي.
كما تطبَّق إجراءات التنفيذ المدنية وفق القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992، الذي ينص على الحجز على أموال المدين أو حساباته المصرفية بعد صدور السند التنفيذي.

الشركات التجارية في القانون الإماراتي

يُشكّل قانون الشركات التجارية الإماراتي رقم 32 لسنة 2021 الإطار النظامي الأساسي الذي ينظّم تأسيس الشركات التجارية وإدارتها وأنواعها، ويهدف إلى تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية في الحوكمة والشفافية.

أنواع الشركات وتنظيمها

ينص القانون على مجموعة من الأشكال القانونية للشركات المسموح بها في دولة الإمارات، من أبرزها:

  • الشركة ذات المسؤولية المحدودة (LLC): تُعد الشكل الأكثر شيوعاً بين المستثمرين المحليين والأجانب، نظرًا لمرونتها وسهولة تأسيسها.
  • الشركة المساهمة العامة والخاصة: تتيح جمع رأس المال من المساهمين، وتخضع لإشراف صارم في ما يتعلق بالإفصاح والإدارة وحماية حقوق المساهمين.
  • شركة الشخص الواحد: أتاحها المشرّع لتشجيع رواد الأعمال والمستثمرين الأفراد.
  • الشركات الأجنبية: يمكنها مزاولة النشاط في الدولة بعد التسجيل لدى وزارة الاقتصاد والحصول على التراخيص اللازمة.

القانون يحدّد كذلك الإجراءات الخاصة بالتأسيس، ونسبة المساهمة المحلية، وشروط زيادة أو تخفيض رأس المال، وآليات اندماج الشركات أو حلّها.

تملك الأجانب للشركات

شهدت دولة الإمارات تحوّلاً جذرياً في سياسة التملك الأجنبي، إذ ألغت معظم القيود التي كانت تفرض وجود شريك مواطن بنسبة 51% في العديد من الأنشطة. وبموجب قرارات مجلس الوزراء والجهات المحلية الاقتصادية، يمكن للأجانب تملك الشركات بنسبة 100% في قطاعات محددة، خاصة ضمن إمارات مثل دبي وأبوظبي والشارقة.

هذا التطور جعل الدولة وجهة عالمية للمستثمرين، مع الحفاظ على الضوابط الخاصة بالأنشطة الاستراتيجية التي تتطلب شريكاً محلياً.

الحوكمة المؤسسية وحقوق المساهمين

عزّز قانون الشركات الجديد مبدأ الشفافية والمساءلة داخل الكيانات التجارية، من خلال إلزام مجالس الإدارة والشركاء بالالتزام بمعايير الحوكمة، وتطبيق قواعد الإفصاح المالي، ومنع تضارب المصالح.

  • أقرّ القانون آليات لحماية المساهمين الأقلية.
  • فرض على الشركات المساهمة تعيين مدقق حسابات خارجي.
  • ألزم الشركات بإعداد تقارير دورية عن الأداء المالي والإداري.

كل ذلك يهدف إلى ترسيخ الثقة في السوق الإماراتي وضمان نزاهة بيئة الاستثمار.

المتطلبات الإجرائية لتأسيس الشركات

تأسيس شركة تجارية في الإمارات يتطلّب:

  • تحديد الشكل القانوني للشركة ونوع النشاط.
  • تسجيل الاسم التجاري لدى وزارة الاقتصاد أو الدائرة الاقتصادية المحلية.
  • إيداع رأس المال في مصرف معتمد.
  • توثيق عقد التأسيس واللوائح الداخلية أمام كاتب العدل.
  • الحصول على الترخيص التجاري ومباشرة النشاط.

إضافة إلى ذلك، تخضع بعض الأنشطة لترخيص خاص من الجهات القطاعية (مثل المصارف، أو شركات التأمين، أو الأنشطة العقارية).

تعرف أيضًا على:

التطورات الحديثة في التشريعات التجارية الإماراتية

أدخل المرسوم بقانون رقم 32 لسنة 2021 إصلاحات جوهرية على القانون السابق، شملت:

  • تعزيز صلاحيات الجمعيات العمومية في مساءلة مجالس الإدارة.
  • تمكين الشركات من عقد اجتماعاتها إلكترونياً.
  • تنظيم عمليات الدمج والتحويل بين الشركات بطريقة أكثر مرونة.
  • توسيع نطاق الشركات المسموح لها بطرح أسهمها في الأسواق المالية.

تهدف هذه التحديثات إلى جعل البيئة القانونية أكثر توافقاً مع المعايير الدولية للحوكمة والاستثمار المؤسسي.

تنظيم الامتياز التجاري (Franchise Law)

رغم عدم وجود قانون مستقل للامتياز التجاري في الإمارات حتى الآن، إلا أن الإطار القانوني يستند إلى مجموعة من التشريعات، أهمها:

  • قانون الوكالات التجارية رقم 3 لسنة 2022، الذي يمكن أن يُطبّق على بعض عقود الامتياز إذا توفرت عناصر الوكالة الحصرية.
  • قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022 في ما يخص العقود التجارية والالتزامات.
  • قوانين الملكية الفكرية التي تحمي العلامات التجارية والشعارات المرتبطة بالامتياز.

من المهم للمستثمرين التمييز بين الامتياز التجاري والوكالة التجارية، لأن الأول يعتمد على نقل نموذج العمل والعلامة التجارية، بينما الثانية تقوم على التمثيل التجاري للسلع أو الخدمات.

تطوير قوانين الإفلاس والتسويات الواقية

تواصل الإمارات تحديث تشريعات الإفلاس وإعادة الهيكلة لتوفير بيئة قانونية متوازنة بين حماية الدائنين وضمان استمرارية النشاط الاقتصادي.

القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2016 وتعديلاته يقدم آليات متقدمة مثل:

  • إعادة الهيكلة الوقائية للشركات المتعثّرة.
  • تسوية الديون تحت إشراف قضائي.
  • حماية المديرين حسني النية من المسؤولية الجنائية في حالات الإفلاس غير الاحتيالي.

تلك الأدوات جعلت الإمارات من أوائل الدول العربية في تطبيق نظم إفلاس حديثة شبيهة بتلك المطبقة في الاتحاد الأوروبي.

باختصار، يعكس الإطار التشريعي للشركات في دولة الإمارات رؤية اقتصادية مرنة تجمع بين الانفتاح على الاستثمار الأجنبي والالتزام بالحوكمة الصارمة، ما يضمن بيئة أعمال مستقرة وتنافسية تواكب التطورات العالمية.

دور المحامي التجاري في دعم الشركات وحل النزاعات

يلعب محامي تجاري في الإمارات دوراً محورياً في حماية مصالح الشركات وضمان امتثالها للقوانين المنظمة للأعمال مثل قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022 وقانون الشركات التجارية رقم 32 لسنة 2021.

من أبرز مهامه:

صياغة العقود والاتفاقيات التجارية بما يتوافق مع التشريعات المحلية ويحمي مصالح الشركة.

  • تقييم المخاطر القانونية قبل توقيع الصفقات أو الدخول في شراكات وامتيازات.
  • تمثيل الشركات أمام المحاكم وهيئات التحكيم في النزاعات التجارية داخل الدولة أو خارجها.
  • تقديم المشورة في الحوكمة والامتثال للتشريعات، وخاصة في الشركات المساهمة والمؤسسات الكبرى.
  • إدارة التسويات الودية والوساطة لتجنّب التقاضي وتخفيض التكاليف القانونية.

يساعد المحامي التجاري الشركات على بناء بيئة عمل قانونية مستقرة، ويعزز قدرتها على النمو بثقة واستدامة في سوق الإمارات.

الأسئلة الشائعة

نعم، يمكن تسوية النزاعات التجارية خارج المحكمة عبر اللجوء إلى التحكيم أو الوساطة، خاصة إذا تم الاتفاق عليها ضمن العقد. التشريعات الإماراتية تسمح بذلك، خصوصاً في قانون الوكالات التجارية رقم 3 لسنة 2022.

نعم يشمل القانون التجاري الشركات الأجنبية العاملة في الدولة، النصوص الاتحادية تنطبق على الشركات في الدولة بغض النظر عن الملكية، لكن هناك بعض القيود أو المتطلبات المتعلقة بنسبة التملك الأجنبي أو النشاط.

القانون التجاري الإماراتي يقدم بنية قانونية متطورة تدعم الاستثمار والنمو التجاري في دولة الإمارات، من خلال تشريعات حديثة مثل قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022 والقانون الاتحادي للوكالات التجارية. وجود فهم دقيق لهذه التشريعات، ودعم قانوني متمرّس، يمكن أن يوفّر للشركات التعامل بثقة ضمن بيئة تجارية سريعة التطوّر.

للحصول على استشارة قانونية من مكتبنا في الإمارات، اتصل بنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.

اقرأ أيضًا عن:

المصادر

  • المرسوم-القانون الاتحادي رقم 50 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون المعاملات التجارية.
  • المرسوم-القانون الاتحادي رقم 32 لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية.
  • القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2022 بشأن تنظيم الوكالات التجارية.
  • موقع وزارة الاقتصاد – تشريعات المعاملات التجارية.