تخطى إلى المحتوى

شرح قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة في الإمارات وإجراءاته العملية

في ظل التحديات الاقتصادية التي قد تواجه الشركات أو الأفراد، يصبح قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة في الإمارات أداة حاسمة لإدارة الأزمات المالية وتقليل أضرار الديون. يُعنى هذا المقال بتفسير نصوص القانون في الإمارات، استعراض الإجراءات، حقوق الأطراف، ودور المحامي التجاري في هذه المسارات القانونية.

للحصول على استشارة قانونية متخصصة من محامي في الإمارات، تواصل معنا الآن.

قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة في الإمارات

دخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من 1 مايو 2024 المُرسوم الاتحادي بالقانون رقم (51) لسنة 2023 بشأن الهيكلة المالية والإفلاس، ليُلغي بشكل كامل المرسوم الاتحادي رقم (9) لسنة 2016 بشأن الإفلاس.

يُمثّل هذا التحديث نقلة نوعية في التعامل مع حالات التعثر المالي، حيث ركّز المشرّع على إعادة الهيكلة المالية كخيار أولي قبل التصفية، مع إنشاء محاكم متخصصة ووحدة مركزية لإدارة شؤون الإفلاس.

يشمل القانون الجديد معظم الكيانات التجارية والأشخاص المزاولين للنشاط التجاري، بينما استُثنيت بعض المناطق الخاصة مثل مركز دبي المالي العالمي (DIFC) و سوق أبوظبي العالمي (ADGM) التي تطبق قوانين مستقلة خاصة بها.

ووفقًا لهذا القانون، تنقسم الإجراءات إلى ثلاث مراحل أساسية:

  • التسوية التمهيدية (Preventive Settlement): تمنح المدين فرصة للتفاوض مع الدائنين تحت إشراف المحكمة لتفادي التصفية.
  • إعادة الهيكلة (Restructuring Procedures): إعادة جدولة الديون، خفض قيمتها، أو تحويلها إلى حصص ملكية، بما يضمن استمرار النشاط التجاري.
  • إعلان الإفلاس والتصفية (Bankruptcy / Liquidation): في حال فشل الحلول السابقة، تُصفّى أصول المدين ويُوزع العائد وفق أولويات الديون.

بهذا الشكل، يمنح القانون الشركات والأفراد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعهم المالية قبل الوصول إلى مرحلة الانهيار الكامل، ما يعزز مناخ الاستثمار ويحافظ على الاستقرار الاقتصادي في الدولة.

قد يهمك أيضًا:

أهداف قانون الإفلاس الإماراتي للشركات والأفراد

يهدف قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة في الإمارات إلى تحقيق توازن عادل بين مصلحة المدين الذي يواجه التعثر، ومصلحة الدائنين الذين يسعون لاسترداد حقوقهم. ويمكن تلخيص أبرز الأهداف فيما يلي:

  • إتاحة فرصة لإعادة الهيكلة بدلاً من التصفية الفورية: يمنح القانون الشركات المتعثرة والأشخاص المزاولين للتجارة فرصة لإعادة تنظيم أوضاعهم المالية من خلال خطط جدولة الديون أو تخفيضها، بدلاً من اللجوء المباشر للتصفية.
  • توفير حماية مؤقتة للمدين: بمجرد تقديم طلب الإفلاس أو إعادة الهيكلة، يوقف القانون إجراءات التنفيذ والدعاوى مؤقتًا، بما يسمح ببدء المفاوضات في بيئة أكثر استقرارًا.
  • تحقيق العدالة بين الدائنين: نص القانون على ترتيب محدد للأولوية في استيفاء الديون، حيث تُسدّد الديون المضمونة أولاً، تليها الديون العادية، ثم بقية الالتزامات، لضمان توزيع منصف للأصول.
  • فرض المساءلة على الإدارة: إذا تبين أن التدهور المالي للشركة ناجم عن تصرفات غير مشروعة أو إهمال جسيم من الإدارة خلال العامين السابقين للتعثر، يجوز تحميلهم المسؤولية المدنية أو الجنائية.
  • تعزيز الشفافية والكفاءة: يدفع القانون نحو إدارة أصول المدين بشكل رشيد، ويشجع على الإفصاح المالي الصحيح بما يقلل من الخسائر ويحمي الثقة في السوق.

أما بالنسبة للأفراد غير المزاولين للنشاط التجاري، فقد خصهم المشرّع الإماراتي بقانون مستقل هو المرسوم الاتحادي رقم (19) لسنة 2019 بشأن الإعسار الشخصي، والذي يوفر آلية لإعادة ترتيب الالتزامات المالية الشخصية، بما يضمن استمرارية حياتهم المعيشية وحماية حقوق الدائنين في الوقت ذاته.

إجراءات التقدم بطلب حماية من الإفلاس في الإمارات

حدّد المرسوم الاتحادي بالقانون رقم (51) لسنة 2023 بشأن الهيكلة المالية والإفلاس خطوات واضحة للتعامل مع حالات التعثر المالي، سواء للشركات أو الأفراد المزاولين للنشاط التجاري. يمكن تلخيص الإجراءات الأساسية على النحو التالي:

  1. التوقيت والشرط الزمني
    • يلزم المدين بالتقدّم بطلب إلى المحكمة المختصة خلال 60 يومًا من تاريخ توقفه عن سداد التزاماته أو من تاريخ علمه بعدم القدرة على الوفاء بالديون المستحقة.
  2. من يحق له تقديم الطلب؟
    • المدين نفسه: سواء كان شركة أو شخصًا طبيعيًا يمارس نشاطًا تجاريًا.
    • الدائن أو مجموعة من الدائنين: بشرط أن يكون الدين غير مشكوك فيه، غير منازع، ومستحق الأداء، مع إرسال إشعار للمدين يمنحه مهلة 30 يومًا للسداد قبل رفع الطلب.
    • الجهة الرقابية: في حال كان المدين خاضعًا لإشراف جهة تنظيمية، مثل البنوك أو شركات الاستثمار.
  3. الجهة المختصة بتلقي الطلب
    • يُقدّم الطلب أولًا إلى وحدة الهيكلة والإفلاس (Financial Restructuring and Bankruptcy Unit)، التي تقوم بتسجيله وإحالته إلى محكمة الإفلاس المتخصصة للنظر فيه.
  4. وقف الإجراءات التنفيذية
    • بمجرد قبول الطلب، يُمنع المدين من التصرف في أصوله أو الدخول في التزامات جديدة قد تُضر بالدائنين، وتُوقف جميع الدعاوى والإجراءات التنفيذية بحقه ما لم تُصرح المحكمة بخلاف ذلك.
  5. تشكيل لجنة الدائنين
    • في غضون 10 أيام من بدء الإجراءات، يتم تشكيل لجنة من الدائنين لتمثيل مصالحهم ومتابعة سير الخطة، وتُبلّغ الأطراف المعنية رسميًا بقراراتها.
  6. تقديم خطة التسوية أو إعادة الهيكلة
    • على المدين أن يقدم خطة مكتوبة لتسوية الديون أو إعادة هيكلتها خلال المدة التي تحددها المحكمة، ثم تُعرض على لجنة الدائنين للتصويت وفق نسب محددة.
  7. التصديق القضائي أو الانتقال للتصفية
    • إذا وافق الدائنون على الخطة بالأغلبية المطلوبة وصادقت عليها المحكمة، يبدأ تنفيذها فورًا.
    • إذا رفضت المحكمة الخطة أو فشلت في التنفيذ، تنتقل الإجراءات إلى مرحلة إعلان الإفلاس والتصفية، حيث تُباع أصول المدين وتوزع على الدائنين وفق ترتيب الأولوية.

بهذا التدرج، يوازن القانون الإماراتي بين إعطاء المدين فرصة لإعادة إنعاش نشاطه وبين ضمان حقوق الدائنين عبر آليات قضائية شفافة ومنظمة.

تعرف أيضًا على:

إعادة هيكلة الديون وجدولة الالتزامات المالية

تُعد إعادة هيكلة الديون خطوة محورية بين خيارين متطرفين: الانهيار الكامل للشركة أو الاستمرار في العمل دون حلول فعلية. فهي تمنح المدين فرصة لإعادة تنظيم التزاماته بما يضمن استمرارية النشاط التجاري مع تقليل الخسائر على الدائنين. وتشمل أهم صورها:

  • خفض قيمة الدين: قد يتنازل بعض الدائنين عن جزء من مستحقاتهم مقابل الحصول على ضمانات أو سداد أسرع للجزء المتبقي.
  • تمديد مواعيد السداد: إعادة جدولة الأقساط على فترات أطول لتخفيف الضغط المالي عن المدين.
  • تحويل الدين إلى أسهم أو حصص: حيث يتحول جزء من الدين إلى حقوق ملكية في الشركة، ما يمنح الدائنين دورًا جديدًا كمستثمرين.
  • إعادة ترتيب أولويات الدفع: قد يُمنح بعض الدائنين أولوية مؤقتة مقابل ضمانات محددة، بما يحقق التوازن بين مصالح الجميع.
  • الحصول على تمويل إضافي: يسمح القانون بمنح المدين تمويلًا جديدًا لدعم أنشطته الجارية، ويُعطى هذا التمويل أولوية على بعض الديون القائمة، شريطة موافقة المحكمة.

الضمانات والشروط

يشترط القانون الإماراتي أن تكون خطة إعادة الهيكلة عادلة ومنصفة للدائنين، وألا تُخل بحقوقهم المضمونة. وبعد صياغتها، تُعرض الخطة على المحكمة للتصديق عليها، ولا تصبح نافذة إلا بعد موافقتها.

مرونة القانون الإماراتي الجديد

من أبرز المستجدات في المرسوم الاتحادي بالقانون رقم (51) لسنة 2023 أن المحكمة تملك سلطة التصديق على خطة إعادة الهيكلة حتى في حال رفض بعض فئات الدائنين لها، بشرط أن تكون الخطة عادلة وألا تُلحق ضررًا بهم مقارنة بالسيناريو المتوقع في حالة التصفية.

بهذا، يشكّل نظام إعادة الهيكلة الإماراتي أداة قوية لتحقيق التوازن بين استمرار المدين وحماية حقوق الدائنين، بما يعزز الثقة في بيئة الأعمال.

حقوق الدائنين في مواجهة المدين المفلس

يضع قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة الإماراتي ضمانات مهمة لحماية مصالح الدائنين، مع تنظيم حقوقهم بشكل يوازن بين مصلحتهم في استيفاء ديونهم وحاجة المدين لإعادة تنظيم أوضاعه المالية. ومن أبرز هذه الحقوق:

  • المطالبة بالدين المعترف به: يحق للدائنين تقديم مطالباتهم خلال المدة التي تحددها المحكمة أو المفوّض القضائي (Trustee)، حتى تُدرج ضمن خطة التسوية أو التصفية.
  • حق الاعتراض على خطة الهيكلة: إذا اعتبر الدائن أن الخطة المقترحة تُضر بمصالحه، يمكنه الاعتراض خلال المهلة القانونية (تصل عادة إلى 15 يومًا في بعض الحالات).
  • الاستفادة من ترتيب الأولوية القانونية: تُسدد الديون وفق أولوية محددة؛ حيث تُسدّد الديون المضمونة أولًا من حصيلة الضمانات، تليها الديون العادية، ثم تُوزع المتبقي على بقية الالتزامات.
  • استرداد التصرفات الضارة (Claw-back): للمحكمة صلاحية إبطال أي تصرفات مالية قام بها المدين خلال فترة ما قبل الإفلاس إذا ثبت أنها أُبرمت بغرض الإضرار بالدائنين أو تفضيل بعضهم على حساب الآخرين، وخاصة تلك التي تمت مع أطراف ذات صلة.
  • المطالبة بالتصفية: إذا فشلت خطة إعادة الهيكلة أو رفضتها المحكمة، يحق للدائنين المطالبة بفتح إجراءات التصفية وبيع أصول المدين وفقًا للترتيب القانوني للأولوية.

بهذا التنظيم، يضمن القانون الإماراتي للدائنين حماية قانونية فعالة تُمكّنهم من متابعة حقوقهم، مع تشجيع الحلول الوسطية التي تحافظ على استمرارية النشاط الاقتصادي متى كان ذلك ممكنًا.

دور المحاكم المتخصصة في قضايا الإفلاس

مع دخول المرسوم الاتحادي بالقانون رقم (51) لسنة 2023 بشأن الهيكلة المالية والإفلاس حيّز التنفيذ، أنشأت الإمارات محكمة إفلاس متخصصة تتولى جميع القضايا المرتبطة بالتعثر المالي، بما يعزز من سرعة الفصل وتوحيد التوجه القضائي.

إلى جانب ذلك، استحدث المشرّع وحدة الهيكلة والإفلاس (Financial Restructuring and Bankruptcy Unit)، التي تضطلع بأدوار إدارية وفنية، منها تسجيل الطلبات، تنظيم السجل المركزي للإفلاس، والتنسيق بين الأطراف المختلفة، بما في ذلك المدينين والدائنين والمفوَّضين القضائيين.

اختصاصات المحكمة المتخصصة

  • النظر في طلبات البدء في إجراءات الإفلاس أو إعادة الهيكلة.
  • التصديق على خطط التسوية والهيكلة المقدمة من المدينين.
  • إصدار أوامر الحماية المؤقتة التي توقف الدعاوى والتنفيذ ضد المدين.
  • إحالة القضايا إلى مرحلة التصفية في حال فشل خطط الهيكلة.
  • تقدير أتعاب المفوَّضين القضائيين ومراقبة أدائهم طوال العملية.

الغاية من إنشاء المحكمة المتخصصة

تهدف هذه المنظومة الجديدة إلى:

  • تسريع الإجراءات عبر قاضٍ متخصص وفريق قضائي مدرَّب.
  • تعزيز الشفافية والثقة في النظام القانوني المالي.
  • ضمان الاستقرار الاقتصادي من خلال توفير حلول عادلة لكل من المدينين والدائنين.

وبذلك، عزز القانون الإماراتي من فعالية نظام الإفلاس، وجعل التعامل مع الأزمات المالية أكثر مهنية وتنظيمًا.

أهمية استشارة محامي تجاري قبل اتخاذ قرار الإفلاس

لا يعني التعثر المالي بالضرورة اللجوء مباشرة إلى إعلان الإفلاس، فالإقدام على هذه الخطوة يعد قرارًا مصيريًا له تبعات قانونية ومالية كبيرة. هنا تبرز أهمية المحامي التجاري المتخصص الذي يلعب دورًا محوريًا في إدارة الأزمة وتوجيه العميل نحو الحل الأمثل.

دور محامي تجاري في الإمارات في قضايا الإفلاس:

  • تقييم الوضع المالي: يقوم المحامي بدراسة المركز المالي للشركة أو الفرد وتحديد مدى الحاجة الفعلية للدخول في إجراءات الإفلاس أو الاكتفاء بالتفاوض مع الدائنين.
  • إعداد خطة مبدئية للتسوية أو الهيكلة: يضع تصورًا قانونيًا عمليًا يوازن بين مصلحة المدين وحماية حقوق الدائنين.
  • تقديم الطلبات أمام المحكمة أو الوحدة المختصة: يضمن صياغة صحيحة للطلبات والإجراءات بما يتفق مع نصوص القانون واللوائح التنفيذية.
  • الدفاع عن المصالح القانونية: يتولى الرد على اعتراضات الدائنين وتمثيل موكله أمام المحكمة في جميع مراحل الدعوى.
  • الحرص على الامتثال الكامل للقانون: يراقب جميع الخطوات القانونية لتفادي أي مسؤولية إضافية على المدين أو الإدارة.
  • اقتراح حلول بديلة: قد يقترح المحامي وسائل أقل حدة مثل التفاوض المباشر أو الصلح الودي مع الدائنين قبل الدخول في مسار الإفلاس الرسمي.

باختصار، يساهم المحامي التجاري في تقليل المخاطر القانونية، ورفع فرص قبول خطة التسوية أو إعادة الهيكلة، إضافة إلى حماية الموقف القانوني والسمعة التجارية للمدين.

الأسئلة الشائعة

يشمل قانون الإفلاس رقم (51) لسنة 2023 الشركات والكيانات التجارية، بينما يخضع الأفراد غير المزاولين للتجارة لقانون منفصل هو المرسوم الاتحادي رقم (19) لسنة 2019 بشأن الإعسار الشخصي.

يتمتع المدين أثناء إجراءات الإفلاس بحماية مؤقتة من الدعاوى والتنفيذ لمدة تصل إلى 3 أشهر، قابلة للتمديد حتى 6 أشهر بقرار من المحكمة المختصة.

نعم، يحق للمستثمر الأجنبي إعلان إفلاس شركته إذا كانت مسجلة وتعمل ضمن نطاق القانون الاتحادي الإماراتي، شريطة استيفاء الشروط القانونية والإجرائية المطلوبة.

يفرّق القانون بين ديون الشركة والتزامات المؤسسين الشخصية؛ إذ يمكن للشركة الدخول في إجراءات هيكلة أو إفلاس مستقلة عن ديون أصحابها، إلا إذا قدّم الشركاء أو المديرون ضمانات شخصية للديون.

قانون الإفلاس وإعادة الهيكلة في الإمارات يمثل نقلة نوعية في التعامل مع الكيانات المتعثرة، مع التركيز على الهيكلة أولًا ثم التصفية عند الضرورة. القانون يوفّر حماية مؤقتة، آليات واضحة، ويُعزز دور القضاء المتخصص. مع ذلك، التطبيق العملي يتطلب حنكة قانونية ومرافعة استراتيجية.

للحصول على استشارة قانونية مهنية من مكتب محامي الإمارات، اتصل بنا الآن وسنقوم بدعمك في كل خطوة.

اقرأ أيضًا عن:

المصادر الرسمية التي اعتمد عليها المقال:

  • المرسوم الاتحادي بالقانون رقم (51) لسنة 2023 بشأن الهيكلة المالية والإفلاس.
  • المرسوم الاتحادي رقم 19 لسنة 2019 في شأن الإعسار الشخصي.