قانون التأمين في الإمارات يُشكّل العمود الفقري لحماية أفراد المجتمع والمؤسسات من المخاطر المختلفة، ويشمل تنظيم نشاط التأمين، والتأمين التكافلي، والتزامات شركات التأمين، وحقوق المؤمن لهم.
هذا المقال سيستعرض بصورة شاملة قانون التأمين الإماراتي، من التعريفات إلى الإجراءات والنزاعات، ويسعى لتقديم صورة واضحة لمن يرغب في فهم هذا المجال القانوني في دولة الإمارات.
للحصول على استشارة قانونية من محامي في الإمارات، تواصل معنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
جدول المحتويات
لمحة عامة عن قانون التأمين في الإمارات
يشرف على تنظيم قطاع التأمين في دولة الإمارات مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي (CBUAE)، وذلك بعد دمج هيئة التأمين ضمن هيكله بموجب القانون الاتحادي رقم (25) لسنة 2020. وقد جاء هذا الدمج لتوحيد الإشراف المالي والمصرفي والتأميني تحت مظلة واحدة، بما يعزز الثقة والشفافية في السوق.
وفي إطار التطوير التشريعي، صدر المرسوم-القانون الاتحادي رقم (48) لسنة 2023 بشأن تنظيم أنشطة التأمين، الذي ألغى القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007 بعد سلسلة من التعديلات، ليُنشئ إطاراً أكثر حداثة يتماشى مع الممارسات الدولية.
ينظّم القانون الجديد جميع عناصر القطاع التأميني في الدولة، بما في ذلك أنواع التأمين، شروط الترخيص، التزامات الشركات تجاه المؤمن لهم، وحقوق العملاء وآليات تسوية المنازعات، مع مراعاة الخصوصية الاقتصادية والتنظيمية للسوق الإماراتي.
أهم أحكام قانون التأمين الإماراتي رقم (6) لسنة 2007 وتعديلاته
نصّ القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007 في مادته الأولى على مجموعة من التعريفات الجوهرية مثل: المؤمن (شركة التأمين المرخصة)، المؤمن له، المستفيد، وعقد التأمين الذي يُعدّ أساس العلاقة بين الطرفين.
وقد خضع القانون لعدة تعديلات لاحقة قبل أن يُستبدل بالمرسوم-القانون رقم (48) لسنة 2023، الذي نقل جميع صلاحيات الهيئة السابقة إلى مصرف الإمارات المركزي.
- إنشاء الهيئة وتنظيم الشركات
 أُنشئت بموجب القانون هيئة متخصصة لتنظيم أعمال التأمين والإشراف عليها، وتولت منح التراخيص، ووضع متطلبات رأس المال، وآليات الاستثمار، وضمان حماية أموال حملة الوثائق.
 كما نظّمت المواد من 24 وما بعدها شروط منح الترخيص لشركات التأمين والبنوك الضامنة، محددة الإطار الرقابي على رأس المال وإدارة المخاطر.
- العقود التأمينية وأساليبها
 عرّف القانون عقد التأمين بأنه اتفاق يلتزم فيه المؤمن بتعويض المؤمن له أو دفع مبلغ مالي عند تحقق الخطر المؤمن منه، مقابل قسط يدفعه المؤمن له.
 كما أكّد أن أي وثيقة صادرة عن شركة غير مرخّصة تعتبر باطلة، حمايةً للمستهلك ومنعاً للممارسات غير القانونية في السوق.
- الضوابط والامتثال والمخالفات
 ألزم القانون شركات التأمين بالفصل بين أعمال التأمين على الأشخاص وأعمال تأمين الممتلكات والمسؤوليات، وهو ما نصت عليه المادة (25) من تعديلات القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007.
 كما منح المصرف المركزي صلاحيات رقابية واسعة لفرض الغرامات والعقوبات على الشركات المخالفة لأحكام القانون أو للقرارات التنظيمية.
أركان وخصائص عقد التأمين حسب قانون التأمين في الإمارات
يُعدّ عقد التأمين من العقود المسماة التي نظمها القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007 بشأن تنظيم أعمال التأمين، وأكّد عليها المرسوم-القانون رقم (48) لسنة 2023، بوصفه اتفاقاً يلتزم فيه المؤمن بتعويض المؤمن له عند وقوع خطر محدد مقابل قسط مالي.
وفيما يلي أبرز أركان قانون التأمين في الإمارات وخصائصه الأساسية وفق التشريع الإماراتي:
- الأطراف في عقد التأمين
 يتكوّن العقد من ثلاثة أطراف رئيسية:- المؤمّن: شركة التأمين المرخصة داخل الدولة أو فرع مؤسسة أجنبية حاصلة على ترخيص من مصرف الإمارات المركزي لمزاولة النشاط التأميني.
- المؤمَّن له: الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يُبرم العقد لصالحه ويتحمل دفع الأقساط الدورية.
- المستفيد: الشخص الذي تُصرف له مبالغ التعويض أو المنفعة التأمينية عند تحقق الخطر المؤمن منه، سواء ورد اسمه صراحة في الوثيقة أو حُدِّد لاحقاً.
 
- الخطر والتعويض
 يقوم عقد التأمين على وجود خطر محتمل ومعلوم يمكن أن يقع مستقبلاً؛ فإذا تحقق ذلك الخطر، يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التعويض أو المنفعة المحددة في الوثيقة.
 ويُشترط أن يكون الخطر مشروعاً وغير مخالف للنظام العام أو الآداب، وإلا عُدّ العقد باطلاً.
- القسط التأميني
 القسط هو المقابل المالي الذي يلتزم المؤمن له بدفعه إلى شركة التأمين نظير تحمّلها المخاطر المحددة بالعقد.
 ويترتب على تخلّف المؤمن له عن السداد إمكان تعليق التغطية التأمينية أو فسخ العقد وفقاً لشروط الوثيقة.
- الموثوقية والشفافية
 ألزم القانون شركات التأمين بتحرير الوثائق باللغة العربية أو إرفاق ترجمة رسمية لها، وأن تتضمن بوضوح جميع الحقوق والالتزامات والشروط والاستثناءات حتى لا يلتبس الأمر على المؤمن له أو المستفيد.
 ويُعدّ الغموض في الوثيقة مسؤولية تقع على عاتق شركة التأمين.
- التزام الترخيص
 من خصائص عقد التأمين في الإمارات أنه لا يُعتدّ بأي عقد أو وثيقة صادرة عن جهة غير مرخّصة من مصرف الإمارات المركزي، ويُعتبر العقد في هذه الحالة باطلاً بطلاناً مطلقاً لا يُرتب أي أثر قانوني.
التزامات شركات التأمين تجاه العملاء
فرض قانون التأمين في الإمارات مجموعة من الالتزامات الواضحة على شركات التأمين لضمان حماية حقوق المؤمن لهم وتحقيق مبدأ الشفافية والعدالة في التعامل. وتشمل أبرز هذه الالتزامات ما يلي:
- الالتزام بمعالجة طلبات التعويض
 يجب على شركات التأمين النظر في طلبات التعويض خلال المدة المحددة قانوناً والرد عليها بقرار مسبب. وفي حال الرفض الكلي أو الجزئي، يلتزم المؤمن بتقديم أسباب الرفض كتابياً، مع توضيح حق المؤمن له في التظلم أو اللجوء إلى الجهات المختصة.
- الالتزام بالشفافية والامتثال التنظيمي
 يتوجب على الشركات أن تُفصح بوضوح عن شروط الوثيقة، حدود التغطية، الاستثناءات، ورسوم الأقساط. كما يجب عليها الامتثال للقرارات والتعاميم الصادرة عن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي بوصفه الجهة الرقابية العليا على القطاع التأميني.
- الالتزام بالترخيص والملاءة المالية
 يشترط القانون أن تكون شركات التأمين مرخّصة رسمياً داخل الدولة وأن تلتزم بمتطلبات رأس المال والضمان المالي وفق نوع التأمين الذي تمارسه، سواء كان تأميناً على الأشخاص أو على الممتلكات. ويُعدّ التعامل مع جهة غير مرخّصة مخالفة صريحة للقانون الاتحادي.
- الفصل بين أنشطة التأمين المختلفة
 ألزم القانون الشركات بالفصل الكامل بين نشاط التأمين على الأشخاص ونشاط التأمين على الممتلكات والمسؤوليات، بهدف تحقيق الشفافية والمحاسبة المالية المنفصلة لكل نوع من الأنشطة.
أنواع التأمين المعترف بها في القانون الإماراتي
ينظّم المرسوم-القانون الاتحادي رقم (48) لسنة 2023 بشأن تنظيم أنشطة التأمين جميع أنواع التأمين المسموح بها داخل الدولة، بحيث تُقسم إلى أربعة تصنيفات رئيسية:
- التأمين على الأشخاص
 يشمل التأمين على الحياة، التأمين الصحي، والتأمين ضد البطالة (الذي تم إدخاله حديثاً كنظام اتحادي لدعم العاملين). يهدف هذا النوع إلى حماية الأفراد من الأخطار التي تمس حياتهم أو قدرتهم على الكسب.
- التأمين على الممتلكات والمسؤوليات
 يُغطي هذا النوع الأخطار التي تصيب الأموال والممتلكات، كالتأمين على السيارات والمنازل والمصانع، إضافة إلى التأمين ضد المسؤولية المدنية الناتجة عن الأضرار التي قد تلحق بالغير.
- التأمين التكافلي (Takaful)
 يُعدّ التأمين التكافلي بديلاً شرعياً للتأمين التجاري، حيث يقوم على مبدأ التعاون والتضامن بين المشتركين، ويُدار وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ضمن إطار تنظيمي خاضع لرقابة مصرف الإمارات المركزي.
- التأمين الإلزامي
 وهو التأمين الذي يفرضه القانون على الأفراد أو المؤسسات، مثل التأمين الصحي الإلزامي في إمارتي دبي وأبوظبي، والتأمين الإلزامي على المركبات. يهدف هذا النوع إلى حماية المجتمع وضمان التعويض في الحالات التي يُحتمل فيها وقوع ضرر للغير.
آلية تسوية نزاعات التأمين في الإمارات
نظّم المرسوم-القانون الاتحادي رقم (48) لسنة 2023 بشأن تنظيم أنشطة التأمين آلية واضحة لفض المنازعات بين المؤمن له وشركات التأمين، بهدف تسريع الإجراءات وتحقيق العدالة دون الحاجة إلى اللجوء المباشر للقضاء.
- تقديم الشكوى إلى مصرف الإمارات المركزي
 عند نشوء نزاع بين الطرفين، يمكن للمؤمن له تقديم شكوى إلى وحدة فض المنازعات البنكية والتأمينية التابعة لمصرف الإمارات المركزي، وهي الجهة المختصة قانوناً باستقبال الشكاوى المتعلقة بالتأمين.
 تتولى الوحدة دراسة الطلب والتحقيق في ملابساته، ولها أن تطلب من شركة التأمين الرد أو تقديم مستندات داعمة.
- القرار الصادر عن اللجنة المختصة
 بعد مراجعة النزاع، تُصدر اللجنة قرارها الذي يُعتبر نهائياً وواجب التنفيذ إذا كان المبلغ محل النزاع لا يتجاوز 50,000 درهم. في هذه الحالة، لا يجوز لشركة التأمين الطعن على القرار، ويُنفّذ مباشرة كحكم قضائي.
- حق الطعن أمام القضاء
 أما إذا تجاوزت قيمة النزاع 50,000 درهم، فيجوز لأي من الطرفين الطعن أمام محكمة الاستئناف خلال 30 يوماً من تاريخ صدور القرار، وفق الإجراءات المحددة في قانون الإجراءات المدنية.
بهذه المنظومة، يوازن القانون بين السرعة في حسم المنازعات الصغيرة وحق التقاضي الكامل في القضايا الكبرى.
أهمية الاستعانة بمحامي تأمين في قضايا التأمين في الإمارات
تُعد قضايا التأمين من أكثر القضايا القانونية تعقيداً، إذ تتشابك فيها الجوانب الفنية والمالية والتنظيمية. لذلك، يُنصح دائماً بالاستعانة بـ محامٍ مختص في قضايا التأمين يمتلك الخبرة في التعامل مع التشريعات الإماراتية واللوائح الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي.
دور المحامي في قضايا التأمين
- تحليل العقود التأمينية: يقوم المحامي بدراسة البنود بدقة لتحديد الالتزامات القانونية والحقوق التأمينية للمؤمن له.
- تمثيل العميل أمام الجهات المختصة: سواء أمام وحدة فض المنازعات البنكية والتأمينية أو أمام المحاكم عند تصعيد النزاع.
- التحقق من سلامة التعاقد: يتأكد المحامي من أن الشركة مؤهلة ومرخّصة، وأن الوثيقة لا تتضمن شروطاً تعسفية أو غموضاً يضر بالعميل.
- متابعة الإجراءات النظامية: من تقديم الشكاوى إلى تنفيذ الأحكام وفقاً لأحكام قانون التأمين الإماراتي ولوائحه التنفيذية.
وجود محامي إماراتي متمرس في هذا المجال يعزّز الموقف القانوني للمؤمن له، ويُقلل من فرص ضياع الحقوق أو التأخير في صرف التعويضات.
الأسئلة الشائعة
في ظلّ التطور المتسارع لقطاع التأمين في الإمارات، فإن فهم قانون التأمين في الإمارات يُعدّ ضرورة لأي فرد أو شركة يتعامل في هذا المجال. لقد استعرضنا في هذا المقال الإطار التشريعي، أركان العقد، التزامات الشركات، أنواع التأمين، وآليات فض النزاعات.
للحصول على استشارة قانونية من مكتبنا في الإمارات، اتصل بنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
اقرأ أيضًا عن:
- شرح قانون التعويض عن الإصابات في مكان العمل في الإمارات (2025)
- التعويض عن الضرر المادي والادبي وفق القانون الاماراتي
- المسؤولية الطبية في القانون الإماراتي: الدليل الشامل
المصادر:
- القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007 بشأن تنظيم أعمال التأمين (المُعدّل).
- المرسوم-القانون الاتحادي رقم (48) لسنة 2023 بتنظيم أنشطة التأمين.